في ماي كالي | الأردن

خالد عبد الهادي | ناشط أردني لحقوق مجتمع الميم | المؤسس والمدير إبداعي في ماي كالي

في سبتمبر ٢٠٠٧، أسس خالد “Kali” مجلة ماي كالي والتي سميت بهذا الاسم المستعار كمجلة إلكترونية للمثليين من الرجال العرب باللغة الإنجليزية. حتى يومنا هذا، تطور موقع ماي كالي ليشمل قضايا المثلية الجنسية والنسوية والتحوّل الجنسي باللغتين العربية والإنجليزية. في الفترة التي سبقت إطلاق المجلة، كان خالد قد أخبر والدته وكان خائفاً من تضارب ميوله الجنسية مع المجتمع الأردني. ومع ذلك، بدأ فريق المجلة بالتحرير والنشر على الرغم من أنهم لم يكونوا على دراية بالقوانين في الأردن المتعلقة بالجنس والإعلام.

في البداية، كان المنشور عبارة عن مدونة، حيث لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي في عام ٢٠٠٧ بهذه القوة التي هي عليها الآن. تمّ إنشاء موقع الويب باستخدام Weebly، وهو مُنشئ مواقع ويب مجاني تمّ اختياره لأنه مجاني ولديه قوالب جاهزة (لا يزال بإمكانك التحقق من الموقع القديم هنا).

أثبت الموقع نجاحه، ثم ازدهرت وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم لتنمية مجتمع يضم أكثر من ٥١،٠٠٠ صفحة إعجاب على فيسبوك وأكثر من ١١،٠٠٠ متابع على انستقرام. عندما تم حظر موقع الويب الخاص بهم من قبل الحكومة الأردنية، وتمّ حظره لاحقاً في قطر وقطاع غزة، اعتمد فريق التحرير بشكل كبير على حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. بعد حظر الموقع، بدأوا في البحث عن خيارات لمعاودة الإصدار من بلدان لا تسمح بحجب موقعهم الإلكتروني مجدداً. كان هذا هو الوضع عندما بدأوا في استخدام Medium لنشر محتوى باللغتين الإنجليزية والعربية، ولكنهم أصيبوا بخيبة أمل لأنه تبيّن أنّ المنصة لا تدعم بشكل صحيح المرئيات (الوسائط المتعددة) أو المنشورات باللغة العربية (يمكنك أن ترى هنا صفحتهم على Medium).

كان شكل ومظهر موقع ماي كالي دائماً مرتبطاً بكونه موقعاً لمجلة منشورة على الإنترنت، هكذا وصف خالد سبب اختياره شكل الموقع الالكتروني.

وقال: “لقد استلهمت بالتأكيد من Melody TV، ومجلة Seventeen، ومجلة Vogues القديمة، لكنني كنت أقرأ أيضاً الكثير من National Geographic وNewsweek.”

الهدف الرئيسي لـ ماي كالي اليوم هو إنشاء مساحة ومنصة للأشخاص المثليين في المنطقة العربية، على الرغم من أنها بدأت للرجال المثليين العرب على وجه التحديد. عندما انطلقوا، كان الجمهور متحمساً، لكن قرّاءهم أشاروا إلى أنهم لا يغطّون تنوّع المواضيع من خلال كونهم مثليين عرباً وأنّهم يركزون على الذكور فقط. في البداية، لم يفهم الفريق أهمية تنوّع المواضيع ولم يكن لديهم أحدٌ لتوجيههم.

أخذت ماي كالي بنصائح قرّائها. استمرّت المجلة في التطوّر لتغطية المزيد من الموضوعات وتحسين عملها في إنتاج المجلة لتكون أكثر احترافاً وأقلّ فوضوية. شعر خالد أنه يتمّ تقييمهم من قبل الجمهور، لذلك قاموا بالاستماع إلى النصائح بشكل فعّال وعملوا بشكل هادف على الأخذ باقتراحات الجمهور.

عامل آخر في تطوير المجلة كان التطوير المهني لخالد. يتذكّر، “كشخص، بدأت أصطدم بالحائط كمحرّر لأن خبراتي كانت محدودة. كنت أدرس التصميم الجرافيكي فقط. لم أعرف في البداية كيفية الوصول إلى جميع الموارد التي أردتها. لذلك دفعني صديقي للتقدم لبرنامج القيادة. أعتقد أن هذه كانت نقطة الذروة عندما بدأت في التطوّر كشخص. كان ذلك في عام ٢٠١٤”.

شكّل تأثير برنامج تطوير مهارات القيادة على القيم المهنية لـ ماي كالي. يصف خالد كيف بدأت المجلة في هذا الوقت بتوسيع أهدافها من خلال أن تكون أكثر شمولاً وتغطي المزيد من الموضوعات، مثل النسوية.

في ماي كالي، يعطون الأولوية لعرض قصص نجاح لأشخاص من مجتمع الكوير في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأنّهم لا يريدون دائماً تصوير القصص عن الأشخاص المثليين كضحايا. هم يريدون أن يعكسوا القصص الإيجابية كي يقوموا بإلهام التغيير وإخبار قرائهم “نعم يتقبّل الناس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مجتمع الميم، ونعم الأشخاص المثليون يزدهرون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.”

بدأت ماي كالي بحوالي ١٠ متطوعين (جميعهم من الرجال) التقوا عبر الإنترنت ونادراً ما التقوا شخصياً. في البداية ناقش الفريق الموضوعات التي يجب الكتابة عنها، وكلّها مكتوبة باللغة الإنجليزية، وهي ما وصفه خالد بـ “مقالات خفيفة” أو الموضوعات غير الجادة.

من عام ٢٠٠٧ حتى عام ٢٠١٨، عملت ماي كالي بدون تمويل وتم تنفيذ كل العمل من قبل المتطوعين. وفقاً لخالد، كان هذا الاختيار متعمداً حتى لا يقع تحت تأثير أجندة المانحين الأجانب:

“لقد حاولنا الابتعاد عن التمويل الأمريكي وعدم القبول بمعايير الممولين الداعمين مباشرةً”. اليوم لديهم تمويل من خلال منظمة مقرها في أوروبا.

يضم الفريق الأساسي الآن خمسة أشخاص: خالد (مؤسس)، ومحرر متحوّل جنسياً من مصر، ومحرر عربي من العراق، ومحرر إنجليزي يعيش في الولايات المتحدة، وعضو إضافي للتعامل مع الإدارة. وسّعت ماي كالي فريقها ببطء، حتى لا تغرق من الناحية اللوجستية. بينما كان فريق الإطلاق جميعاً من الرجال، انضم المزيد من النساء عند المضي قدماً في النشر. قال خالد عن التغيير في التركيبة الجندرية للمؤسسة:

“الشمولية الجندرية لم تحدث لأنه كان علينا القيام بذلك، لقد فعلنا ذلك لأنه حدث بشكل طبيعي. كانت هناك حاجة وكانت هناك فجوة”.

بالنسبة إلى كتاب ماي كالي، يحتفظ الفريق بقائمة من المؤلفين الموثوق بهم الذين عملوا معهم لسنوات. هؤلاء الكتاب متجاوبون ومتفاعلون ومخلصون ودقيقون ودائماً ما يتطوّرون مع قيم مجلة ماي كالي. في بعض الأحيان، عملت ماي كالي أيضاً مع مجموعات نسوية توصي بكتّاب حول مواضيع النسوية. تجري ماي كالي أيضاً دعوة مفتوحة للأعداد القادمة لتوظيف الكتاب والمصورين المهتمين لتقديمها. تحتفظ ماي كالي بقائمة بالكتاب من المؤلفين السابقين، وكذلك أولئك الذين تقدموا بطلبات للكتابة (مع إعطاء الأولوية للأُوَل)، مصنّفة بحسب البلدان. بالإضافة إلى ذلك، تقدم ماي كالي دورات تدريبية لطلاب الجامعات ويمكن العثور على مزيد من المعلومات عبر موقعهم.

تتراوح أعمار أعضاء الفريق والمتطوعين في ماي كالي بين ١٧ عاماً و٤٤ عاماً، وهي أيضاً الفئة العمرية للجمهور المستهدف للمجلة. يدعي خالد أن العمر ليس دائماً مؤشراً على قدرات الشخص، “بعض الشباب الذين نعمل معهم لديهم أرواح قديمة، في حين أن بعض كبار السن لا يتصرّفون كمن هم في سنهم، ونحن نحب هذا”.

في ماي كالي، ينتج عن إلهام أعضاء الفريق موضوعات مختلفة للعمل معها. في بعض الأحيان يتم إطلاق موضوع ما من خلال كلمة معينة أو موقف معين. يقدم أعضاء الفريق الموضوعات إلى المحررين للنظر فيها. بناءً على هذه التقارير، يقرر المحررون بشكل مشترك البنية الموضوعية اللازمة لتطوير عدة زوايا ثم مناقشتها معاً لاختيار الزوايا المناسبة.

بعد ذلك، تنشر ماي كالي دعوة مفتوحة للكتاب مع الموضوع المختار، والزوايا التي يريدونها من الطلبات، ولماذا من المهم لـ ماي كالي التحدث عن هذا الموضوع. الأشخاص الذين لديهم شيء يقدمونه، إما أن يقدموا أعمالاً منشورة مسبقاً أو ينشئون محتوى حصرياً لـ ماي كالي (وهي الحالة في الغالب) والتي يتم تقديمها بعد ذلك للمراجعة الداخلية من قبل الفريق.

في بعض الأحيان تتلقى ماي كالي طلبات من الكتاب لنشرها في المجلة، لكن هذا النوع من النشر ليس له زاوية مخصصة. في مثل هذه الحالات، يختار المحرر أحد الموضوعات من دعوة المحتوى ويقترح تركيزاً موضوعياً محدداً للكاتب لتطوير ومراجعة النص المقدّم. تذهب أولوية النشر إلى كتاب ماي كالي الموثوق بهم، يليهم الكتاب الجدد.

تستخدم ماي كالي طريقة تفاعلية للتعاون مع كتابها ومؤلفيها المعتمدين لكل إصدار من مجلة على الإنترنت. يستخدم الفريقGoogle Doc مشتركاً حتى يتمكن كل شخص معني بالإصدار من رؤية التغييرات والموافقة عليها. نظراً لأنه ليس لديهم وقت صارم للنشر، يمكن لفريق ماي كالي الاستمرار في تحسين جودة المحتوى بدلاً من التركيز على سرعة النشر.

ثم يتمّ تدقيق عدد المجلة عبر الإنترنت ثم ترجمتها، مما يجعل العملية تستغرق وقتاً طويلاً. ومع ذلك، تفضّل ماي كالي الجودة على سرعة الإنتاج، أو كما قال خالد، ” مثل تفضيل الطرز الرفيع على الملابس الجاهزة”. بمجرد مراجعة المقالة وتحريرها بشكل جماعي، يُطلب من الكاتب إنشاء ملاحظة مفاهيمية للفنان المعين لإنشاء صور جذابة أو في بعض الأحيان تتم دعوة المؤلفين لاستخدام المرئيات من أرشيفهم الخاص.

فريق ماي كالي متحمس ومهتمّ بالعناصر المرئية فهم ينشئون محتوى فنياً بناءً على القضايا السياسية الحالية أو يستلهمون من مشاهدة الأفلام العربية. يقومون بإنشاء لوحات مزاجية حول الموضوع الذي يعملون عليه حتى يتمكن الجميع من إلقاء نظرة عليه ومناقشته والبدء في المساهمة بالأفكار. ثم يقومون بتقسيمه لتطوير المحتوى عن طريق تقسيمه وتعيينه إلى فرق إبداعية مختلفة أو فنان من خارج ماي كالي.  في بعض الأحيان يستخدمون عناصر مرئية من مجموعاتهم الخاصة لمنح المنشور مزيداً من المصداقية.

طورت ماي كالي سياسة خاصة في مقاربتها لكيفية النشر على مجلات الموضة، تصرّ فيها على مفهوم أو رسالة معينة في تغطيتها لتوجيه بناء صور جميلة بصرياً. وقال: “نحن لا ننشر صورة من أجل نشر صورة”. تفضّل ماي كالي العمل مع الفنانين المتخصصين بتجسيد المفاهيم والأفكار، الذين يركزون بشكل أساسي على التصوير الفوتوغرافي، والذين يتوقون إلى استنباط مفهوم ورسالة وراء كل صورة. هكذا تلتزم ماي كالي بمقاربتها وسياستها التحريرية وتسعى لتلبّي توقّعات الجمهور للحصول على صور عالية الجودة وجميلة وذات مغزى. وأضاف:

“لم يتمّ إنتاج ماي كالي من قبل خريجي كلية الصحافة. نحن في الواقع مدربون كناشطين يعرفون البنية الاجتماعية لواقعنا.. لدينا عقلية مختلفة عن الصحفي المتخصص، الذي لا يتمتع بخبرة في مجال حقوق الإنسان أو النشاط الاجتماعي”.

يعتقد خالد أن هذا النهج السياسي في العمل مفيد ويمكن أن يؤثر على الجماهير. يتأمل في تجربته التعليمية طوال فترة عمله في المجلة:

“لقد تغيرت اللغة هنا. وعندما أقول اللغة أعني اللغة الثقافية التي كانت تتّسم بالشمولية، ولغة الأمم المتحدة في فهم قضايا الجندر والكوير. لقد تعلّمت بالفعل عن القضايا الجندرية والجنسية من خلال العمل في إصدار هذه المجلة.”

القيود على النشر

بعد إطلاقها في عام ٢٠٠٧، واجهت ماي كالي أوّل اشتباك إعلامي. أخذت صحيفة أردنية محافظة بعض محتوى منشورات المجلة ونشرتها خارج سياقها معلنة أنّها اكتشفت ميلاد أول “مجلة للمثليين جنسياً في الأردن” (إشهار موقع الكتروني ومجلة للشواذ الجنسيين الاردنيين). بعد ذلك، استخدمت عدة أحزاب سياسية في الأردن هذه التغطية لصالحها في الحملات الانتخابية. وزعمت تلك الأحزاب أنّها بمجرد انتخابها “ستحظر” مثل هذه الإصدارات.

عند إعادة التفكير في هذه الأحداث يوضح خالد: “في الأردن تحديداً لم تكن هناك محادثات عامة حول مجتمع الميم، ناهيك عن السياق الأردني”.

 كانت ماي كالي تتحدى الصمت بالحديث عن قضايا مجتمع الميم في المجال العام. إنّ التحدّث بصوت عالٍ عن هذه القضية هو ما تسبّب في ضجّة بعد شهر فقط من إطلاق ماي كالي، بغض النظر عن حقيقة أن المنشور كان باللغة الإنجليزية وعلى الإنترنت. يتذكر خالد هنا: “كنا نستخدم اللغة الإنجليزية في منشوراتنا كآلية للحماية”.

إحدى النتائج الإيجابية لاستخدام اللغة الإنجليزية كلغة رئيسية للنشر كانت في تجنّب بعض ردود الفعل السلبية على المجلة لأن الكثيرين ظنوا خطأً أنّ ماي كالي إصدارٌ أجنبي.

بعد الاشتباك الإعلامي هذا، أخذ الفريق استراحة من أكتوبر٢٠٠٧ حتى نهاية يناير ٢٠٠٨، وعندما عادوا للنشر مرة أخرى قاموا بتغيير شعار الإصدار. كان الفريق خائفاً. تسببت أخبار العنف والتجريم ضد المثليين في إيران والسعودية وسوريا ومصر في تراجع الجرأة على مقاربة قضايا المثلية الجنسية خوفاً من القتل أو الاعتقال في سن ١٦ عاماً. يتذكّر خالد: “بصراحة شعرت أنني سأموت. لم نكن نريد المضي قدماً في المشروع.”

ومع ذلك، فإنّ النشر باللغة الإنجليزية فقط لم يكن كافياً. أراد فريق ماي كالي التوزيع باللغة العربية أيضاً، لكنهم احتاجوا إلى تعلم كيفية حماية أنفسهم وكيفية إنتاج محتوى جذّاب للجمهور العربي. تعاونوا مع منظمة الحقوق الرقمية الدولية، Access Now، التي ساعدتهم على تعلّم كيفية حماية أنفسهم وكيفية الترويج لعملهم من خلال الشبكات الرقمية. استغرقت هذه العملية بعض الوقت: “أخذنا استراحة لمدة عام آخر لإعادة تأسيس أنفسنا والتعمق في اللغة العربية، وكان ذلك في مايو ٢٠١٦”.

اليوم، عمل ماي كالي مرخص بموجب ترخيصCreative Commons Attribution-ShareAlike 4.0 International.

بعد مرور عشر سنوات على الإطلاق الأولي باللغة الإنجليزية، نُشر العدد العربي الأول من ماي كالي بعد عام من إعادة الهيكلة داخلياً في عام ٢٠١٦. وقد احتوى العدد على مقال عن شيخ أردني مسلم عمل في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كرجل مثلي الجنس ومقال آخر عن الهوية الجنسية لكوكب الشرق أم كلثوم. هذان المقالان مثيران للجدل، خاصة أنهما نُشرا باللغة العربية. نتيجة لذلك، كان على ماي كالي إصدار بيان حول هذه المقالات.

في ١٤ تموز / يوليو ٢٠١٦، واصلت وسائل الإعلام مهاجمة “مجلة الشواذ الأردنية” وتساءل بعض الصحفيين عما إذا كانت النشرة مسجلة لدى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن. وردت الوزارة برسالة مفتوحة قالت فيها إن الحكومة تعارض مثل هذه المطبوعات في الأردن، مضيفة أن ماي كالي غير موجودة في سجلاتها. كما اتهمت الوزارة ماي كالي بخرق القانون، إذا تمت طباعة المنشور، وأكدت للجمهور أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية إذا لزم الأمر. وبالتالي، كان نشر مجلة على الإنترنت بمثابة ثغرة تكتيكية غير مقصودة لشركة ماي كالي لتجنب الإجراءات القانونية من قبل الوزارة. ومع ذلك، اتخذت الوزارة خطوات لحجب موقع المنشور في الأردن.

في ذلك الوقت، لم ترد ماي كالي على حجب الموقع. علم الفريق أن وسائل الإعلام الأجنبية كانت تبحث عن أي دليل على القصص التي ربطت الأردن برهاب المثلية الجنسية. قبل أشهر قليلة من تعرض موقع ماي كالي للرقابة، كان من المفترض أن تقوم فرقة مشروع ليلى، وهي فرقة إندي روك من لبنان، بإحياء حفل موسيقي في الأردن، لكن الحكومة ألغته. وأشادت وسائل الإعلام المحلية بهذا القرار، ووصفت مشروع ليلى بـ “عبدة الشيطان”، فيما زعمت وسائل الإعلام العالمية أن إلغاء الحفل كان بسبب الخوف من المثليين.

وجد أعضاء فريق ماي كالي أنفسهم يحاولون التوضيح لوسائل الإعلام الدولية أن الجدل الموسيقي لم يكن مرتبطاً برهاب المثلية الجنسية (كما قدم مشروع ليلى في الأردن عدة مرات من قبل)، ولكن بسبب هذا الحفل المحدد الذي أقيم في موقع مسيحي تاريخي خلال يوم الجمعة العظيمة مما أدى إلى شكوى رجال الدين في الأردن. ومع ذلك، أصرت وسائل الإعلام الأجنبية على ربط القضية برهاب المثلية. قال خالد إنه بعد الرقابة على موقع ماي كالي الإلكتروني، رفض الفريق “استخدام وسائل الإعلام الأجنبية لتلوي ذراع حكومتنا، لأننا نستطيع فعل ذلك بأنفسنا”.

على الرغم من هذه الخلافات، فقد عمل الفريق في ماي كالي على مواجهة التحديات معاً: “قبل العمل مع فريق، كنت أشعر أني أعاني بمفردي في كل العقبات، لكني الآن بعد أن بدأت العمل مع فريق رائع ولدينا جمهور رائع، أشعر أن هذه ليست معركة شخصية بالنسبة لي على وجه التحديد، إنها معركة من أجلنا كمجتمع “.

للتغلب على حظر موقع الويب الخاص بهم، استشاروا منظمة الحقوق الرقمية، Access Now. تحققت المنظمة من الأمر وأكدت أنDNS الخاص بها محظور في الأردن ونصحت ماي كالي بالانتقال إلى Medium.com لأنه لا يمكن حظره في الأردن. بعد ذلك، دربهم Access Now على كيفية حماية المنشور وكيفية استخدام أدوات اتصال أكثر أماناً. فيما يتعلق بهذا التغيير، قال خالد: “بعد عام واحد بدأنا ندرك أن المنصة (medium.com) لا تلبي احتياجاتنا كما نريد ولا يمكننا النشر من خلالها.”

تقوم ماي كالي اليوم بعمل نسخة احتياطية من محتوى موقع الويب الخاص بهم على محركات أقراص ثابتة مختلفة موجودة في بلدان مختلفة منذ أن فقدوا الكثير من بياناتهم عندما تم اختراق موقع الويب الخاص بهم.

لا يوجد لدى ماي كالي أي سياسات داخلية مكتوبة للاتصالات والخدمات اللوجستية، لكن خالد يرى أنه ينبغي عليهم ذلك، لأنه جانب مفقود من هيكلهم.

عندما يكون هناك تعقيد، فإنّ السياسة غير المكتوبة هي أن يعودوا إلى مجلس الإدارة الذي يقرر كيفية المضي قدماً. يتمّ دائماً حلّ الخلافات الداخلية والصراعات الخارجية التي تواجه ماي كالي كفريق واحد. يناقشون القضية ويصوّتون بشكل جماعي بدلاً من قرار فردي. لاحظ خالد، “عندما يكون هناك هجوم على ماي كالي، فإن المجموعة هي التي تستجيب له وتشعر بالفخر في تلك اللحظة”.

عندما يتعلق الأمر بالأخلاقيات المهنية، فالفريق دائماً يتأكد من أن مقالاتهم وصورهم لا تهين الآخرين بأي شكل من الأشكال (الدين، الجنس، الجندر، إلخ). إذا كانت المقالة مثيرة للاستفزاز، فهم يعيدون بناءها بطريقة ليست كذلك. إنهم يميلون إلى مراجعة المحتوى من الكتّاب بدقة للتأكد من أنه ليس إشكالياً وأنه يستخدم المصطلحات الأكثر حداثة وملاءمة خاصةً عندما يتعلق الأمر بالموضوعات الحساسة. يقول خالد أن ماي كالي تعمل باستمرار على تكييف لغتها. قال: “الأخلاقيات والقيم تتطور في كل وقت. هذه عملية ديناميكية داخل المجموعة، حيث تتفاعل بشكل كبير مع ما يحدث “.

“نحن نشكك في القصد من وراء كل الصور التي يتمّ نشرها حولنا، ونسأل أنفسنا لماذا نحن أسرى لسرد لا يحترم رغباتنا الشخصيةولماذا لا يمكننا العمل معًا؟”.

كان الغرض من أي غلاف أو واجهة للمجلة هو الحاجة لبيع المطبوعات. أمام المجلة بضع ثوانٍ لإغراء القراء بشراء مجلتهم. في الوقت الحاضر، الأمر متعلّق بالمكانة، وغالباً ما تُمنح للمشاهير والراسخين، ما يحقق شعوراً بموثوقية المجلة وأهميتها. من الناحية النظرية، لا تحتاج ماي كالي إلى واجهات أو صور غلاف، لأن المجلة ليس مطبوعةً، بل كانت رقميةً منذ البداية، كما أننا لا نحاول بيعها أيضاً.

“اعتمدنا هوية المجلات المطبوعة وصنعناها لتلبي قيمنا. أردنا أن تكون أغلفتنا مصدراً للتمكين والتقدير، وأن نمنحها للأفراد لأنّ قصصهم يمكن أن تدفع من أجل التغيير والتمكين. نمنحها أيضاً للفنانين الصاعدين والناشئين الذين لن يحصلوا على ذلك من وسائل الإعلام الرئيسية، ونريد أن نشارك في إظهار شخصيّتهم وهويتهم الفنية.”

تخصّص خالد في التصميم الجرافيكي. لم يدرس الصحافة بشكل احترافي، لكنه كان مهتماً بالمنشورات المختلفة كقارئ ومستهلك، وتزايد اهتمامه بالنشاط الإعلامي انطلاقاً من هناك:

“شعرت أن هناك فجوة في وسائل الإعلام عندما يناقشون المسائل المتعلقة بالجنس والمثليين. بشكل خاص، عندما بدأت في التقدم لوظائف في منشورات محلية أخرى، وعندما أردت التحدث عن الهوية الجنسية والتوجّه، شعرت أنني أواجه الرفض طوال الوقت. لذلك سئمت وشعرت بتراكم هذه التجارب ومن هنا قررت أن أبدأ المنشور الخاص بي وأضع نفسي على الغلاف حتى، تقريباً مثل كتابة يوميات، ولكن في شكل إصدار منشور.”

يصف خالد كيف حفز التهميش نشاطه: “كشخص، كرهت أن يقال لي أن هذا خطأ أو حرام طوال الوقت، شعرت أن هذا المنع كان يقمعني كفرد طوال الوقت، وكان هذا دافعاً كبيراً. […] أنا شخص أحب التعبير عن نفسي، أحب الكتابة، أحب الرسم، أحب التوضيح. وشعرت أنه ليس لدي هذه المساحة الخاصة بي.”

كما يربط نشاطه الإعلامي بكونه متمرداً: “عندما تكون أصغر سناً، فستكون بطبيعتك متمرداً”. نظراً لكونه متمرداً منذ سن السادسة عشر، بالإضافة إلى التصالح والاندماج مع هويته وتوجهه الجنسي، فقد شعر أن هناك حاجة لمعالجة نقص التمثيل المثلي في وسائل الإعلام العربية.”

علاوة على ذلك، في مجتمع متحفظ (مثل الأردن) لم يكن هناك ما يكفي من الأماكن العامة أو المساحات الإعلامية، حيث يمكن للمتمردين الشباب (مثله) التعبير عن وجهات نظرهم. يوضح خالد أنه في الشرق الأوسط، تتشكل السيطرة على المساحات العامة والإعلامية من خلال القيم الأسرية والاجتماعية: “لا يوجد” أنا “، إنه دائماً” نحن “، وفي ذلك الوقت أردت حقاً أن أكون أنا.”

لقد شعر أنه بسبب هذه الفجوة، كان من الطبيعي أن يتم دفعه ليصبح ناشطاً إعلامياً لمجتمع الميم (LGBTQ) العربي.

 

جميع الحقوق محفوظة © ٢٠٢٠ دِراية